بقية الله
اَيْنَ بَقِيَّةُ اللهِ الَّتي لا تَخْلُو مِنَ الْعِتْرَةِ الْهادِيـَةِ، اَيـْنَ الـْمُعَدُّ لِـقَطْعِ دابِرِ الظَّلَمَةِ، اَيْنَ الْمُنْتَظَرُ لاِِقامَةِ الاَْمْتِ وَاْلعِوَجِ، اَيْنَ الْمُرْتَجى لاِزالَةِ الْجَوْرِ وَالْعُدْوانِ، اَيْنَ الْمُدَّخَرُ لِتَجْديدِ الْفَرآئِضِ و َالسُّنَنِ، اَيْنَ الْمُتَخَيَّرُ لاِِعادَةِ الْمِلَّةِ وَالشَّريعَه
اخواني السلام عليكم بقية الله وهو من الأسماء المشهورة للإمام أرواحنا فداه وهي وإن أطلقت على غيره من الأئمة عليهم السلام إلا أنه وبعد ولادته وغيبته صارت تنصرف إليه،----- المعجم لغة الفقهاء - محمد قلعجي - ص 109--- البقية : ما بقي بعد الشئ ( بقية الله خير لكم ). وكذا في لسان العرب - ابن منظور - ج 14 - ص 80 قال :والبقية أيضا : ما بقي من الشئ . ---- فعن عمر بن زاهر عن الإمام أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال: سأله رجل عن القائم يسلم عليه بإمرة المؤمنين؟ قال: "لا ذاك اسم سمى الله به أمير المؤمنين (علياً) عليه السلام لم يُسَمَّ به أحد قبله ولا يتسمى به بعده إلا كافر، قلت جعلت فداك كيف يسلم عليه؟ قال: يقولون: السلام عليك يا بقية الله"( تفسير نور الثقلين، ج2، ص390، ح190) ثم قرأ: (بقية الله خير لكم إن كنتم مؤمنين)( سورة هود، 86.). وفي رواية أخرى عن الإمام الصادق عليه السلام قال: "إذا خرج (المهدي) أسند ظهره إلى الكعبة واجتمع إليه ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا فأول ما ينطق به هذه الآية: بقية الله خير لكم إن كنتم مؤمنين. ثم يقول: أنا بقية الله وحجته في أرضه"( كمال الدين وتمام النعمة، ج1، ص330، ح16.). قال ابن منظور: والبقية: كالبقوى، والبقية أيضا ما بقي من الشيء. وقوله تعالى: ﴿بَقِيَّةُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ ﴾. قال الزجاج: "معناه الحال التي تبقى لكم من الخير خير لكم"( لسان العرب، ج1، ص467، مادة بقي). انتهى. وقال فخر الدين الطريحي: قوله: "بقية الله خير لكم، أي ما أبقى الله لكم من الحلال ولم يحرمه عليكم فيه مقنع ورضى فذلك خير لكم ... والبقية: الرحمة"، ومنه حديث وصفهم عليهم السلام: "أنتم بقية الله في عباده. أي رحمة الله التي منَّ الله بها على عباده"( مجمع البحرين، ج1، ص56، مادة بقا.). في هذه التفاسير التي ذكرت لبقية الله نجد ثلاثة معان:
المعنى الأول: فسرت البقية بأنها ما يبقى من الشيء، وهذا المعنى واضح في الإمام المهدي عجل الله فرجه فهو الباقي من الأئمة الأطهار صلوات الله عليهم أجمعين فالأئمة من قبله صاروا إلى جوار الله ولا إمام من بعده على الإطلاق فليس بعده إلا قيام الساعة.
والمعنى الثاني: هو أن بقاء الإمام عجل الله فرجه إلى آخر الزمان وظهوره فيه ليقيم العدل ويمحق الظلم بأمر من الله المدبر الحكيم هذا البقاء هو خير للبشرية وصلاح لها، مما يفرض على البشر أن يمهدوا له في غيبته تحصيلا لخيرهم أنفسهم، وأن يقاتلوا بين يديه ويطيعوه لدى ظهوره الشريف لأن الخير والصلاح وسعادة الدنيا والآخرة منحصرة به عجل الله فرجه.
والمعنى الثالث: هو أن وجود الإمام وبقاءه وظهوره رحمة إلهية مهداة، ولطف رباني بالمخلوقين ، وهذا واضح جدا فالأئمة عليهم السلام كلهم رحمة إلهية ووسائط بين الله والعباد، ونصبهم قادة للبشر إنما تأتى من لطف الله ورحمته بخلقه.
قال الشيخ المفيد قدس سره: فإن قيل: من إمام هذا الزمان؟فالجواب: القائم المنتظر المهدي محمد بن الحسن العسكري صلوات الله عليه وعلى آبائه الطاهرين.فإن قيل: هو موجود أم سيوجد؟ فالجواب: هو موجود من زمان أبيه الحسن العسكري عليه السلام لكنه مستتر إلى أن يأذن الله تعالى له بالخروج فيملأ الأرض قسطا وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً.فإن قيل: ما الدليل على وجوده؟ فالجواب: الدليل على ذلك أنه في كل زمان لا بد من إمام معصوم وإلا لخلا الزمان من إمام معصوم مع أنه لطف واللطف واجب على الله تعالى في كل زمان(راجع النكت الإعتقادية ضمن مصنفات الشيخ المفيد، ج10، ص44.).
وفي روايه اخرى قوله : ( بقية الله خير لكم ) أي ما أبقى الله لكم من الحلال ولم يحرمه عليكم ، فيه مقنع ورضى فذلك خير لكم . قوله : ( وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون ) أي في التابوت مما تكسر من الألواح التي كتب الله لموسى ، وعصى موسى وثيابه ، وعمامة هارون . ويقال : " بقية مما ترك " رضاض قطع الألواح . قوله : ( أولوا بقية ) أي أولوا تمييز وطاعة ، يقال : " فلان بقية " أي فضل مما يمدح به . والبقية : الرحمة ، ومنه حديث وصفهم ( ع ) : أنتم بقية الله في عباده " أي رحمة الله التي من الله بها على عباده وفي حديث النار : " لا تبقي على من تضرع إليها " أي لا ترحمه ، من أبقيت عليه إبقاء : إذا رحمته وأشفقت عليه . والاسم البقيا . وبقي الشئ يبقى - من باب تعب - دام وثبت.( مجمع البحرين - الشيخ الطريحي - ج 1 - ص 230) وفي مناقب ابن شهرآشوب : أبو عبد الله عليه السلام في خبر : ونحن كعبة الله ، ونحن قبلة الله . قوله تعالى : ( بقية الله خير لكم ) نزلت فيهم عليهم السلام . بيان : فسر أكثر المفسرين بقية الله بما أبقاه الله لهم من الحلال بعد التنزه عما حرم عليهم من تطفيف المكيال والميزان ، أو إبقاء الله نعمته عليهم ، أو ثواب الآخرة الباقية ، وأما الخبر فالمراد به من إبقاء في الأرض من الأنبياء والأوصياء عليهم السلام لهداية الخلق ، أو الأوصياء والأئمة الذين هم بقايا الأنبياء في أممهم والاخبار في ذلك كثيرة أوردناها في مواقعها ، منها ما ذكر في الاحتجاج في خير الزنديق المدعي للتناقض في القرآن حيث قال أمير المؤمنين عليه السلام وقد ذكر الحجج والكنايات التي وردت لهم في القرآن : هم بقية الله ، يعني المهدي عليه السلام الذي يأتي عند انقضاء هذه النظرة فيملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا – (بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 24 - ص 211)وفي الأنوار اللامعة في شرح الزيارة الجامعة جاء وصف (بقية الله ) أي بقية خلفاء الله وحججه في الأرض من الأنبياء والأوصياء ولعله إشارة إلى قوله تعالى ( بقية الله خير لكم إن كنتم مؤمنين ) وتأتي البقية بمعنى الرحمة أي هم رحمة الله التي من بها على عباده ويحتمل أن يكون المعنى الذين بهم أبقى الله عليه العباد ورحمهم فالحمل للمبالغة فيكون إشارة إلى قوله تعالى أو لو بقية وقيل أي أو لو تمييز وطاعة في فلان بقية أي فضل مما يمدح به . ( وخيرته ) إذ هم الذين اختارهم الله من العالمين واصطفاهم على الملائكة المقربين ( في الكافي ) عن الصادق عليه السلام في خطبة له يذكر فيها حال الأئمة قال فيها فلم يزل الله تبارك وتعالى يختارهم لخلقه من ولد الحسين من عقب كل إمام يصطفيهم لذلك ويجتبيهم ويرضى بهم لخلقه ويرتضيهم كلما مضى منهم إمام نصب لخلقه من عقبه إماما علما بينا وهاديا نيرا وإماما قيما وحجة عالما أئمة من الله يهدون بالحق وبه يعدلون حجج الله ودعاته ورعاته على خلقه يدين بهداهم العباد وتستهل بنورهم البلاد وينموا ببركتهم التلاد وجعلهم صفوة للأنام ومصابيح للظلام ومفاتيح للكلام ودعائم للإسلام جرت بذلك فيهم مقادير الله على محتومها فالإمام هو المنتخب المرتضى والهادي المنتجى والقائم المرتجى اصطفاه الله بذلك واصطنعه .( - الأنوار اللامعة في شرح الزيارة الجامعة (شرح آل كاشف الغطاء) - السيد عبد الله الشبر - شرح ص 103)وفي تفسير مجمع البيان - الشيخ الطبرسي (بقية الله خير لكم إن كنتم مؤمنين ) البقية بمعنى الباقي أي : ما أبقى الله تعالى لكم من الحلال ، بعد اتمام الكيل والوزن ، خير من البخس والتطفيف . وشرط الإيمان في كونه خيرا لهم ، لأنهم إن كانوا مؤمنين بالله عرفوا صحة هذا القول ، عن ابن عباس . وقيل : معناه إبقاء الله النعيم عليكم خير لكم مما يحصل من النفع بالتطفيف ، عن ابن جبير . وقيل : معناه طاعة الله خير لكم من جميع الدنيا ، لأنها يبقى ثوابها أبدا ، والدنيا تفنى ، عن الحسن ، ومجاهد . ويؤيده قوله ( والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا ) الآية . وقيل : بقية الله رزق الله ، عن الثوري ( وما أنا عليكم بحفيظ ) أي : وما أنا بحافظ نعم الله تعالى عليكم إن يزيلها عنكم ، وإنما يحفظها الله عليكم ، فاطلبوا بقاء نعمه بطاعته . وقيل : معناه وما أنا بحافظ لأعمالكم ، وإنما يحفظها الله فيجازيكم عليها . وقيل : معناه وما أنا بحافظ عليكم كيلكم ووزنكم حتى توفوا الناس حقوقهم ، ولا تظلموهم ، وإنما علي أن أنهاكم عنه .( تفسير مجمع البيان - الشيخ الطبرسي - ج 5 - ص 321) وفي زاد المسير - ابن الجوزي قوله تعالى : ( بقية الله خير لكم ) فيه ثمانية أقوال : أحدها : ما أبقى الله بكم الحلال بعد إيفاء الكيل والوزن ، خير من البخس ، قاله ابن عباس . والثاني : رزق الله خير لكم ، روى عن ابن عباس أيضا ، وبه قال سفيان . والثالث : طاعة الله خير لكم ، قاله مجاهد ، والزجاج . والرابع : حظكم من الله خير لكم ، قاله قتادة . والخامس : رحمة الله خير لكم ،قال ابن زيد . والسادس : وصية الله خير لكم ، قاله الربيع . والسابع : ثواب الله في الآخرة خير لكم ، قال مقاتل . والثامن : مراقبة الله خير لكم ، ذكره الفراء .( زاد المسير - ابن الجوزي - ج 4 - ص 115 – 116) نلاحظ في هذه الاقوال ان عبارة بقية الله خير لكم لها عدة معاني منها ماكان في زمن نزول الاية المباركة وهو سبب نزولها كتفسيرها بان البقية الرزق والحلال والطاعة وغيرها ومنها مكان خارجا عن سبب النزول وهو تفسيرها بانهاالانبياء والرسل والائمة عليهم السلام وخاصة الامام المهدي عليه السلام كما فسرها العلامة المجلسي في النقطة الثالثة و صاحب الانوار اللامعة في النقطة الرابعة وغيرهم وهذا لايؤثر في الامر شيء كما ذكر صاحب الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - الشيخ ناصر مكارم الشيرازي - ج 7 - ص 36قال
ونقرأ في روايات متعددة في تفسير بقية الله أن المراد بها وجود المهدي عجل الله فرجه الشريف ، أو بعض الأئمة الآخرين ، ومن هذه الروايات ما نقل عن الإمام الباقر ( عليه السلام ) في كتاب إكمال الدين : " أول ما ينطق به القائم ( عليه السلام ) حين يخرج هذه الآية بقية الله خير لكم إن كنتم مؤمنين ثم يقول : أنا بقية الله وحجته وخليفته عليكم ، فلا يسلم عليه مسلم إلا قال : السلام عليك يا بقية الله في أرضه " . وقد قلنا مرارا إن آيات القرآن بالرغم من نزولها في موارد خاصة ، إلا أنها تحمل مفاهيم جامعة وكلية ، بحيث يمكن أن تكون أثر مصداقا في العصور والقرون التالية وتنطبق على مجال أوسع أيضا . صحيح أن المخاطبين في الآية المتقدمة هم قوم شعيب ، والمراد من بقية الله هو الربح ورأس المال الحلال أو الثواب الإلهي ، إلا أن كل موجود نافع باق من قبل الله للبشرية ، ويكون أساس سعادتها وخيرها يعد بقية الله أيضا . فجميع أنبياء الله ورسله المكرمين هم بقية الله وجميع القادة الحق الذين يبقون بعد الجهاد المرير في وجه الأعداء فوجودهم في الأمة يعد بقية الله وكذلك الجنود المقاتلون إذا عادوا إلى ذويهم من ميدان القتال بعد انتصارهم على الأعداء فهم " بقية الله " ومن هنا فإن " المهدي الموعود " ( عليه السلام ) آخر إمام وأعظم قائد ثوري بعد النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من أجلى مصاديق بقية الله وهو أجدر من سواه بهذا اللقب ، خاصة أنه الوحيد الذي بقي بعد الأنبياء والأئمة ( عليهم السلام ) .)
مطلب : الروايات الدالة على ان بقية الله هم الائمة عليهم السلام :
1-ماورد ان امير المؤمنين عليه السلام بقية الله حيث ورد في الخرائج والجرائح - قطب الدين الراوندي - ج 2 - ص 836 – 837 في لقاء امير المؤمنين عليه السلام مع اصحاب الكهف قال
ثم قام علي بن أبي طالب عليه السلام فأفاض عليه الماء ، وصلى ركعتين ، ثم مشى إلى باب الغار ، فسلم بأحسن ما يكون من السلام ، فانصدع الكهف ، ثم قاموا إليه فصافحوه ، وسلموا عليه بإمرة المؤمنين وقالوا : يا بقية الله في أرضه بعد رسوله . فعلمهم ما أمره رسول الله ، ثم رد الكهف كما كان ، فحملتهم الريح ، فرمتهم في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله ، وقد خرج [ النبي ] لصلاة الفجر ، فصلوا معه . )
2- ماورد ان الامام الباقر عليه السلا م بقية الله كما ورد في الكافي - الشيخ الكليني - ج 1 - ص 471 – 472 في قصة وقوف الامام الباقر على قرية النبي شعيب عليه السلام قال
...فاغلق باب المدينة دونهم فشكا أصحابه الجوع والعطش قال : فصعد جبلا ليشرف عليهم فقال بأعلى صوته : يا أهل المدينة الظالم أهلها أنا بقية الله ، يقول الله : " بقية الله خير لكم إن كنتم مؤمنين وما أنا عليكم بحفيظ " قال : وكان فيهم شيخ كبير فأتاهم فقال لهم : يا قوم هذه والله دعوة شعيب النبي والله لئن لم تخرجوا إلى هذا الرجل بالأسواق لتؤخذن من فوقكم ومن تحت أرجلكم فصدقوني في هذه المرة وأطيعوني وكذبوني فيما تستأنفون فإني لكم ناصح ، قال : فبادروا فأخرجوا إلى محمد بن علي وأصحابه بالأسواق ، فبلغ هشام بن عبد الملك خبر الشيخ فبعث إليه فحمله فلم يدر ما صنع به .)
3- ماورد ان الامام الرضا عليه السلام بقية الله ففي الحدائق الناضرة - المحقق البحراني - ج 25 - ص 38(وروى في كتاب عيون أخبار الرضا بسنده فيه عن أم الرضا عليه السلام " تقول في حديث : لما وضعت ابني عليا دخل علي أبوه موسى بن جعفر عليه السلام فناولته إياه في خرقة بيضاء فأذن في أذنه اليمنى وأقام في اليسرى ودعا بماء الفرات فحنكه به ثم رده إلي فقال : خذيه فإنه بقية الله في أرضه " .
4- ماورد ان الامام المهدي عليه السلام بقية الله
في كمال الدين وتمام النعمة - الشيخ الصدوق - ص 384 قال
...فقال أحمد بن إسحاق : فقلت له : يا مولاي فهل من علامة يطمئن إليها قلبي ؟ فنطق الغلام عليه السلام بالسان عربي فصيح فقال : أنا بقية الله في أرضه ، والمنتقم من أعدائه ، فلا تطلب أثرا بعد عين يا أحمد بن إسحاق .) وفي . . ميزان الحكمة - محمد الريشهري قال
بقية الله خير لكم إن كنتم مؤمنين وما أنا عليكم بحفيظ ) . - قال الإمام علي ( عليه السلام ) : قد لبس للحكمة جنتها ، وأخذها بجميع أدبها . . . بقية من بقايا حجته ، خليفة من خلائف أنبيائه)( ميزان الحكمة - محمد الريشهري - ج 1 - ص 179) وفي كمال الدين وتمام النعمة - الشيخ الصدوق قال
...وقتل غلام من آل محمد صلى الله عليه وآله بين الركن والمقام ، اسمه محمد بن الحسن النفس الزكية ، وجاءت صيحة من السماء بأن الحق فيه وفي شيعته ، فعند ذلك خروج قائمنا ، فإذا خرج أسند ظهره إلى الكعبة ، واجتمع إليه ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا . وأول ما ينطق به هذه الآية " بقية الله خير لكم إن كنتم مؤمنين " ثم يقول : أنا بقية الله في أرضه وخليفته وحجته عليكم فلا يسلم عليه مسلم إلا قال : السلام عليك يا بقية الله في أرضه ، فإذا اجتمع إليه العقد وهو عشرة آلاف رجل خرج ، فلا يبقى في الأرض معبود دون الله عز وجل من صنم ( ووثن ) وغيره إلا وقعت فيه نار فاحترق . وذلك بعد غيبة طويلة ليعلم الله من يطيعه بالغيب ويؤمن به .)( كمال الدين وتمام النعمة - الشيخ الصدوق - ص 331) وفي الكافي - الشيخ الكليني عن محمد بن يحيى ، عن جعفر بن محمد قال : حدثني إسحاق بن إبراهيم الدينوري عن عمر بن زاهر ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : سأله رجل عن القائم يسلم عليه بإمرة المؤمنين ؟ قال : لا ذاك اسم سمى الله به أمير المؤمنين عليه السلام ، لم يسم به أحد قبله ولا يتسمى به بعده إلا كافر ، قلت جعلت فداك كيف يسلم عليه ؟ قال : يقولون : السلام عليك يا بقية الله ، ثم قرأ " ‹بقية الله خير لكم إن كنتم مؤمنين (.الكافي - الشيخ الكليني - ج 1 - ص 411 – 412)وفي كمال الدين وتمام النعمة - الشيخ الصدوق قال
حدثنا عبد الواحد بن محمد العطار النيسابوري - رضي الله عنه - قال : حدثنا علي بن محمد قتيبة النيسابوري ، عن حمدان بن سليمان ، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع عن حيان السراج قال : سمعت السيد بن محمد الحميري يقول : كنت أقول بالغلو وأعتقد غيبة محمد بن علي - ابن الحنفية - قد ضللت في ذلك زمانا ، فمن الله علي بالصادق جعفر بن - محمد عليهما السلام وأنقذني به من النار ، وهداني إلى سواء الصراط ، فسألته بعد ما صح عندي بالدلائل التي شاهدتها منه أنه حجة الله علي وعلى جميع أهل زمانه وأنه الامام الذي فرض الله طاعته وأوجب الاقتداء به ، فقلت له ، : يا ابن رسول الله قد روي لنا أخبار عن آبائك عليهم السلام في الغيبة وصحة كونها فأخبرني بمن تقع ؟ فقال عليه السلام : إن الغيبة ستقع بالسادس من ولدي وهو الثاني عشر من الأئمة الهداة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله أولهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وآخرهم القائم بالحق بقية الله في الأرض و صاحب الزمان ، والله لو بقي في غيبته ما بقي نوح في قومه لم يخرج من الدنيا حتى يظهر فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما .)( كمال الدين وتمام النعمة - الشيخ الصدوق - ص 33)
وهذه الرواية قد تحمل معنى جديد لبقية الله وهو ماينتظر ظهوره بعد غيبته و اذا فسرنا بقية الله بهذا المعنى فلا تطلق هذه الصفة الا على الامام المهدي عليه السلام لانه هو فقط الذي غاب وينتظر ظهوره كما ورد هذا المعنى في . شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج 7 - ص 48 – 49 قال :
(. قوله ( قال يقولون السلام عليك يا بقية الله ) الإضافة في « بقية الله » لامية ، كبيت الله وطاعة الله ، وبقية الشيء : ما بقي منه ، والبقية أيضا : ما ينتظر وجوده ويترقب ظهوره من « بقيت الرجل أبقيته » إذا انتظرته و رقبته ، وإنما سمي الصاحب ( عليه السلام ) بذلك لأنه بقية الأنبياء والأوصياء السابقين وينتظر وجوده ويترقب ظهوره . قوله ( ثم قرأ بقية الله خير لكم ) أي خليفة الله الباقي وانتظار ظهوره خير لكم إن كنتم مؤمنين به ، و هذا التفسير أحسن مما قيل من أن المراد ببقية الله طاعته وانتظار ثوابه والحالة الباقية لكم من الخير أو ما بقي لكم من الحلال .)ان لقب بقية الله كان موجودا في القران الكريم وله معاني متعددة واستعمله الائمة عليهم السلام للاحتجاج به على القوم كما احتج به الامام الباقر عليه السلام مع اهل مد ينة شعيب عليه السلام ويحتج به الامام المهدي عليه السلام حين ظهوره المبارك وهذه الصفة لها اهميتها لان الذي يتصف بها له منزلة عظيمة وكبرى لانه ينتسب الى الله سبحانه لان الاضافة في قوله تعالى بقية الله على معنى اللام أي بقية لله وهذا يوحي الى ان صاحب اللقب يمتلك وينال عناية الهية كبرى وان لله سبحانه غاية من وجود ه المبارك وهو المدخر عند الله سبحانه وتعالى وهو الرحمة الالهية الكبرى .وهو عليه السلام مابقي لله سبحانه من بعد الانبياء والرسل الائمة عليهم السلام وهو الذي ادخره الله لتجديد الفرائض والسنن واعادة الملة والشريعة واحياء الكتاب وحدوده .اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن صلواتك عليه وعلى آبائه في هذه الساعة وفي كل ساعة ولياً وحافظاً وقائداً وناصراً ودليلاً وعينا حتى تسكنه ارضك طوعا وتمتعه فيها طويلا برحمتك يا ارحم الراحمين